-A +A
أحمد سكوتي (جدة) ASKOTY@
أثبت الواقع المعايش في جدة خلال اليومين الماضيين على وجه الخصوص، أن تحذيرات هيئة الأرصاد، لا تخاطب إلا مستوى عاليا من المثقفين، أما العامة الذين يجب أن تخاطبهم تلك الهيئة المعنية وحدها بتتبع الأرصاد، وإرسال التحذيرات، للأسف تتغافل عنهم سواء عمدا أو من غير قصد، رغم أنها سبق أن حذرت وتوعدت من اللجوء لمن سمتهم «عرافي الطقس» ممن نجحوا في التلاعب على عواطف العامة، ليعطوهم تفاصيل قلما نجدها في تنبيهات الأرصاد.

فالهيئة لا يعرف أحد منها سوى تعميم يشمل منطقة بضخامتها فيعلنون أن الأمطار أو الغبار يشمل منطقة بعينها تمتد عشرات الكيلومترات، وعلى الراغب في التزود اللجوء إلى خريطة لا يعرف أعلاها من أسفلها، وألوانها من أرقامها، لا تصلح إلا لقاعات الدراسة، ولا تخاطب إلا من هم على درجات بروفيسور أو استشاري أو أقلها أستاذ مساعد، أما العامة من الناس الذين يفترض أن يكونوا أكثر إلماما بتلك المخاطر، لأنهم الأقرب للأودية، والأكثر خروجا للشوارع والطرقات السريعة، والأسرع في التمدد في الجبال والصحاري فلا يعرفون إلا النادر من القول والعناوين لا التفاصيل.


وأصبحت كلمة «يقولون» هي المشاع في التعاطي مع تقارير الأرصاد المتعلقة بالأمطار، وربما تأتي أو ربما لا تأتي، فإن أتت فالتحذير سبق، وإن كانت سحابة عابرة، فإن ذاك الموقع أو تلك البقعة لم تكن مقصودة في التحذيرات.

ربما غاب عن الأرصاد أن التطبيقات التي تعج بها المتاجر الإلكترونية حاليا، وبعضها يبدو ذا مصداقية، يحدد بأدق التفاصيل أين السحب، والممطر منها وما العابر، وكميات الأمطار في كل حي وموقع، وانحراف السحب الركامية بفعل الرياح، لذا يكون الأمر بمثابة الشرح الوافي ليعرف سكان أي موقع حال الطقس بدقة، أما تقارير الأرصاد فلا تشير من قريب أو بعيد سوى لتحذير واحد، مفاده أمطار قادمة، فلا يعرف المتعلم أو الجاهل ما إذا كان التحذير بمثابة قصة الذئب قادم، أم لا. ويبدو أن تقارير الأرصاد الضبابية أو بمعنى أدق «غير التفصيلية» أوقعت الدفاع المدني في «ورطة» الرسائل التنبيهية فبات هو الآخر يردد ما يأتيه حرصا على سلامة الجميع، فلم يسلم من أوقعتهم الظروف في الربع الخالي من رسائل «عامة» تحذر من الأمطار، رغم أن الأجواء لديهم صحوة مشمسة ليس فيها ولا قطرة ماء. ألا تدرك «الأرصاد» أن الكثيرين يتكئون على تقاريرها، فالتعليم يعتمد عليها ليعلق الدراسة أو لا يعلقها، والذي هو الآخر ظل اليومين الماضيين متذبذبا، فكان الانصراف «وسط النهار» وبعد بدء الدوام، هو الشغل الشاغل في مدارس جدة، والتي لا تملك من أمرها شيئا، فليست هي الجهة التي تقدر كم المطر ولا قوة السحب، لتجد نفسها مع أولى زخات مطر، مضطرة لصرف الطلاب والطالبات، لتمر دقائق معدودات وتأتي الشمس، لتوقع الجميع في حيرة، فأين الأرصاد من كل تلك الحيرة؟ إذا كانت الأرصاد جادة في التعاطي مع الحدث الموسمي، فإنه من باب أولى أن تضع الروابط الإلكترونية اللازمة لتحدد مواقع هطول الأمطار، لا أن تجعل الناس عرضة لزيف القول من هواة الطقس، فإذا صدفت تنبؤاتهم، صمتت الهيئة، وإذا تبخرت توقعاتهم، خرجت الهيئة لتقول بالفم المليان «ألم نقل لكم، لا تصدقوهم».